بين نار الحرب وخذلان الحكومة.. معانة مركبة لليمنيين العالقة في السودان
بين نار الحرب وخذلان الحكومة.. معانة مركبة لليمنيين العالقة في السودان
الأحد : 30 / أبريل / 2023 | 23:37 | منذ 1 سنة
آلاف اليمنيين العالقين في السودان يعيشون أوضاعا سيئة، وتزداد معاناتهم يوما بعد يوم؛ بين مرارة البقاء وصعوبة العودة، إذ يفرون من الحرب إلى الحرب، وتلاحقهم الأخطار دون حماية أو دولة ضامنة.
على الرغم من أن السلطات السعودية استكملت إجلاء الدفعة الثانية من اليمنيين العالقين في ميناء بورتسودان إلى ميناء جدة السعودي، إلا أن العدد لا يزال قليلا مقارنة بعدد العالقين في الميناء السوداني، الذين يتجاوزون ألفي عالق، والعدد مرشح للزيادة.
تلاحق الحكومة اليمنية اتهامات بأنها لم تقدم أي دعم كافٍ لليمنيين العالقين في المدن السودانية، ولم تتحرك بشكل فعّال للحد من المعاناة التي يواجهها اليمنيون في السودان، مكتفية بما يقدمه الجانب السعودي، وبعض المبادرات الإنسانية الحاضرة، بديلا عن الدولة، فإلى متى يستمر تفريط الحكومة بمصالح اليمنيين في هذه الظروف الصعبة؟ وماذا عن السفارة؛ هل حقا غادرت البعثة قبل تأمين رعاياها في مناطق النزاع؟
- حكومة معاقة
يقول الصحفي فيصل الحذيفي: "إن ما يحدث في السودان أمر محزن ومؤسف، فهي تعد من أقرب البلدان التي تربطنا بها علاقات منذ أن عرفنا أنفسنا عندما كان الأستاذ سوداني والطبيب سوداني".
وأوضح أن "وفقا للإحصائيات الرسمية، هناك ما يقارب من 17 ألف يمني مقيم في السودان، غالبيتهم إن لم يكونوا كلهم يقيمون في العاصمة السودانية الخرطوم، التي تعد مسرحا للعمليات العسكرية، وأصبحت تفتقر للخدمات اللوجستية".
وتساءل: "من قام بتصنيف الـ2300 أنهم بحاجة إلى إجلاء من بين 17 ألفا، وأنهم يستحقون سرعة الإجلاء، وما هي المعايير والآلية؟ وماذا عن 15 ألف يمني؛ هل نسلمهم هكذا للحرب؟".
وأشار إلى أن "هناك يمنيين هربوا من الحرب في اليمن، ولجأوا إلى السودان بحثا عن الأمان والرزق، وأيضا للدراسة، لكن أيضا أزيز الطائرات وذات الرصاصة التي لاحقتهم في صنعاء وتعز وعدن، تبعتهم إلى أرض المهجر".
ووصف الحذيفي الحكومة اليمنية بأنها "حكومة منفى وحكومة معاقة، وأن لا واقع لها اسما وشكلا ورسما"، مشيرا إلى أن "رئيسها في إجازة في مثل هذه الظروف، ولم يصدر منه أي تصريح تجاه العالقين، واعتمد على مكاتب إعلامية تصرح باسم هذا المسؤول أو ذاك في ظل عدم إعلان لجنة طوارئ واضحة وعدم التواصل بالمعنيين".
وأشار إلى أنه "كان بإمكان رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، وهو في القاهرة، أن يطلب من السلطات المصرية فتح المنفذ السوداني المصري لليمنيين العالقين بالقرب منه، لكنه لم يفعل".
وقال: "كان لدي قريبتان عالقتان في المنفذ المصري السوداني، وظلتا أربعة أيام بدون أكل أو شرب وبدون مأوى مناسب، وزميلاتهن من جنسيات متعددة سمح لهن بالدخول إلى مصر، واستثنيت الجنسية اليمنية".
وأضاف: "تواصلت بوزير الخارجية شخصيا، وقال لي بأنه تم إبلاغ الجهات بسرعة اتخاذ ما يلزم، وتواصلنا بالسفير اليمني في القاهرة، ووصلنا إلى ثلاثة من أعضاء المجلس الرئاسي، وتكلمنا مع جهازي الأمن القومي والسياسي، لكنهم لم يفعلوا أي شيء".
وتابع: "ما يحدث أمر محزن، عدم مسؤولية، مسؤولونا فقط يكتفون بإرسال رسائل عبر الواتساب للجهات المعنية المصرية، واعتبر نفسه أنه قد قام بمسؤوليته، ومنّ على اليمنيين بأنه متابع وغير مقصر، وهم كسالى وسلبيون وضعفاء وغير مسؤولين، ويديرون الدولة عبر الواتساب".
وقال: "إن اليمن دولة مؤسسة في الأمم المتحدة، وفي جامعة الدول العربية، وليست عضوا فقط، وهؤلاء مسؤولون دولة قادرون أن يقلبوا الأرض عاليها سافلها، ويتحرك المسؤول فيها بكل ما لديه، وهو مسؤول عن هؤلاء الرعايا المخذولين".
وأشار إلى أن "السفير اليمني في السودان، عمر المداوي، لم يتحمل أدنى مسؤولية تجاه أبناء جاليته في السودان، لم يراسل ولم يتصل ولم يكلف نفسه حتى أن ينطلق إلى أقرب معبر، وكان بإمكانه أن ينطلق من ميناء جدة إلى ميناء بورتسودان بعيدا عن المواجهات، لكنه في الحقيقة متخلٍ تماما حتى مجرد التواصل مع وسائل الإعلام معدوم".
- جهود ذاتية وأوضاع مأساوية
من جهته، يقول رئيس اتحاد الطلاب اليمنيين في السودان، عفيف البراشي: "إن قرابة 2000 يمني يتواجدون حاليا في مدينة بورتسودان من جميع الفئات طلاب وعمال وأسر يمنية من أبناء الجالية، وهي النقطة الأخير في عملية الإجلاء الداخلي، وينتظرون الإجلاء إلى خارج السودان".
وأضاف: "يتواجد أيضا في منطقة مدني ما يقارب 400 شخص من اليمنيين تم إجلاؤهم من الخرطوم، وما يزال هناك نحو 150 شخصا في الخرطوم بانتظار إجلائهم إلى مدينة بورتسودان أو إلى منطقة مدني".
وأشار إلى أن "وضع اليمنيين في السودان صعب جدا، وأنهم في لجنة الطوارئ حرصوا كمرحلة أولى على إخراج الناس من مناطق المواجهات إلى مناطق آمنة لضمان سلامتهم، وللتمكن من التواصل معهم".
وتابع: "لم نستطع توفير السكن الكافي لجميع من تم إجلاؤهم إلى مدينة بورتسودان، استأجرنا صالات أفراح ومساكن مؤقتة، واستمتعا ببعض الشقق للحالات الإنسانية، وبعض العائلات والطالبات".
وأوضح أنهم "لم يكن لديهم التكاليف الكافية لضمان برنامج تغذية شامل للجميع في بورتسودان، لكن يوم أمس السبت بدأت اللجان بإعداد الوجبات وتعمل بوتيرة عالية وفق الامكانيات المتاحة لها".
وأشار إلى أن "هناك حالات إنسانية لكبار السن ومن يعانون من بعض الأمراض"، مضيفا: "وصلنا بلاغ للجنة الطوارئ بحدوث جلطة لأحد أبناء الجالية، وبلاغ آخر بولادة إحدى النساء في أحد أماكن الانتظار هناك في بورتسودان".
وقال: "هناك قصور من قبل السفارة اليمنية بالخرطوم، وأداءها لم يكن على مستوى الحدث وتبعاته، لكنهم على تواصل مستمر معهم لتحسين الأداء وتصحيح الأخطاء للقيام بالواجبات المناطة بها كجهة رسمية".
وأضاف: "نحن في اتحاد الطلاب، أيضا، وكأعضاء في لجنة الطوارئ، قمنا بتشكيل اللجان المختلفة، لدينا لجنة ما تزال تتابع الأشخاص المتبقيين في الخرطوم، ولدينا لجنة في مدني تتابع، وترعى وتهتم بالمتواجدين هناك، ولدينا لجان في بورتسودان مهتمة بالتغذية وتوفير السكن وفق الامكانيات المتاحة".
وتابع: "شكّلنا لجنة مؤخرا مهمتها تنسيق وترتيب الجوازات وفقا لمتطلبات الجانب السعودي، ومراعاة الحالات الإنسانية ومراعاة أسبقية الوصول إلى بورتسودان، وكان للطلاب اليمنيين الدور الأبرز والفاعل في التخفيف من المعاناة وتحقيق الإنجازات التي وصلنا إليها، ويبقى الدور على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، بأن يتم التنسيق والترتيب لعملية إجلاء سريعة يتم إخراج المتواجدين في بورتسودان".