د عمار قائد التام
مديرية العرش اليوم تودع عموداً من أعمدة العرش ، و رداع بأكملها ، و ستواريه الثرى غداً لكنها ستدفن ربعه فقط ، فالعمود لا يُدفن منه سوى الربع ، سندفن جسده فقط و ستبقى مواقفه و فكره و أدبه ، رحل عن دنيانا الشيخ الشاعر أحمد علوي المجربي ، سليم الصدر ، متخففاً من حقوق الناس ، رحل عنا بصفحة ٍ ناصعة البياض ، و أبقى لنا طيب ذكراه و عبق قوافيه ..
أبو فؤاد ، كان ممن أتاه المشيخ و أناخ ناقته ببابه فتخفف و تعفف ، و ممن عشقه الأدب ففرخ عنده و باض ، و ممن تَمَلّك العُرف حتى أصبح من شُرّاحِه . تراه في المواقف شيخاً ذو هيبة ووقار و صاحب رأي حكيم ، فإذا انتهى وقت الجد وجدت مزاحه و حديثه الجميل ، ضحكاته تجعل جلساته مهوى للقلوب ، و حديثه و أدبه تسريةً عن الأرواح ، و لست أبالغ حين أقول أنه كان واحداً ممن يرد الله بهم سوء الأقدار و يبعد بمواقفهم الأخطار ، كان يمسك العصا من المنتصف دائماً فأحبه الجميع ..
كان بسيطاً بساطة العظماء ، حضورة ذو جلالة و مهابه ، لكنه كان واحداً من أوساط الناس ، يجبر بخاطر الصغير و الكبير ، و لا يرد دعوةً لغنيٍ أو فقير ، لا يكل و لا يمل ، فقد يحضر في اليوم ثلاثة أعراس أو أكثر و يشاركهم كلهم بحضوره و أشعاره .. قبل يوم واحد فقط من وفاته أنزل صورة لصديقة الشهم الكريم ، ملك القلوب المرحوم محمد العرقبي رحمة الله تغشاه ، و كأن الأرواح لها حكاية أخرى ، لسان حاله كأنه يقول له : وسِّع لي ، أنا قادمٌ إليك .. غادرنا و ترك جرحاً عميق ، و مكاناً لن يُسد ، فرحمة الله تغشاه ، و التعزية و المواساة لابنائه فؤاد و صلاح و ماهر ..
#تخديرة حزن