عبدالله اسماعيل
يؤرخ البعض بحسن نية، وفي الأغلب بسوء نية، لبداية الحرب في اليمن بتاريخ 26 مارس 2015 في محاولة لخلط الأوراق، وتجنب الاعتراف بحقيقة أن الحرب بدأها الحوثيون قبل ذلك بأعوام، لتبلغ ذروتها قبل ستة أشهر من انطلاق العاصفة، مع ان هذه الحرب بدأت بشكل فعلي في العام 2004 عندما قرر الحوثي تفجير حرب في مواجهة الدولة من منطلقات عنصرية، وتمرد أعلن أهدافه منذ اللحظة الأولى.
هذه السردية للحرب - المتجاوزة لواقع ان الحوثي قدم نفسه منذ بداية حربه، كتهديد وعدوان داخلي، لم يخف أهدافه الإقليمية- هي للأسف السردية التي تلعب عليها الجماعة، يساندها لوبي دولي، يدرك أن مجرد الاعتراف بالوقائع سيُظهر بلا شك ان الحرب لم يشعلها اليمنيون ابتداءً، وبالمحصلة ليست حربا يمنية سعودية عربية، بل نتيجة حتمية لردع مشروع محلي أدواته ميليشيا ذات بعد سلالي تاريخي، متحالف مع مشروع فارسي احتفل منذ اليوم الأول بنصره في إسقاط عاصمة عربية جديدة، ووصول تأثيره العسكري الى سواحل البحر الأحمر.
الحوثي الذي بدأ تمرده في صعدة، مارس كل أعمال الإرهاب والعنف ضد أبناء المحافظة أولا، مرورا بدماج وعمران، ليشكل إسقاطه لصنعاء جزءاً من المشروع المدمر الذي لم يلبث أن تحول إلى تهديد مباشر لليمنيين ومحافظاتهم، ولم يستمر طويلا حتى ذهب في عدوانه الى منتهاه بالوصول الى سواحل البحر الأحمر وكذا خليج عدن.
إن أبشع الممارسات الحوثية العنصرية والإجرامية ظهرت مباشرة بعد اقتحام صنعاء في خريف العام ٢٠١٤، ففي البعد المحلي قصف الحوثيون المعسكرات والقناة الفضائية اليمنية، وصادر المؤسسات الإعلامية، واستولى على مؤسسات الدولة وأجهزتها، وفرضت العصابة مشرفيها على كل الأجهزة الحكومية والوزارات والهيئات، لتصل ذروتها في 17 يناير 2015 باختطاف مدير مكتب رئيس الجمهورية د. أحمد عوض بن مبارك، ثم مهاجمة دار الرئاسة وفرض الإقامة الجبرية على الرئيس ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة في 19 يناير 2015، وإطلاق ما يسمى بالإعلان الدستوري الذي بموجبه تم حل البرلمان وتشكيل مجلس رئاسي وحكومة انقلابية في 6 فبراير 2015.