بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإني أناشد جميع المهتمين باستعادة الدولة اليمنية، وبناء اليمن الجديد، أن تتضمن مشاريعهم ورؤاهم مبادئ يؤكدون فيها الالتزام بالثوابت الدينية ، والأسس الوطنية ؛ التي هي محل اتفاق بين جميع المهتمين بأمر اليمن ، وذلك لأنه من الصعوبة بمكان أن تجتمع كلمة الشعوب في أحوال السلم فضلاً عن أحوال الحرب حول تفاصيل أمور حياتهم لكثرة تفرعاتها، واختلاف وجهات النظر حولها، ولما قد يحصل من اختلاف حول تقرير مدار المصالح المتعلقة بها، ولكن الشعوب تتفق غالباً على الثوابت الواضحة التي تجتمع عندها الآراء المختلفة والمصالح المتعددة، فيتيسر عندئذٍ التحرك الجماعي لتحقيق تلك الثوابت.
وما سبق ذكره من أحوال الشعوب في أسباب الاختلاف يوفق الله المسلمين لتجاوز هذه التفاصيل بما هداهم الله إليه من وحي معصوم أوجب عليهم إتباعه، قال تعالى" اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ"
( سورة الأعراف:3)
إن من شأن الاتفاق على الثوابت في الشعوب المسلمة أن يقلل من احتمالات الخلاف ويسهل حله إن وجد، كما أنه يُذكي العزيمة ويمدها بالقدرة على السير نحو تحقيق أهدافها.
إن الثوابت الدينية لشعبنا اليمني تمثل مرجعية عليا تقوم على إتباع الصراط المستقيم، الذي يلهج كل مسلم به كل يوم في كل ركعة في صلاته بأن يهديه الله إليه بقوله "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "( سورة الفاتحة:6)، والذي يأمر الله عباده بإتباعه في قوله تعالى" وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" ( سورة الأنعام: 153).
ويبين القرآن الكريم أن أساس هذا الصراط المستقيم يقوم على طاعة الله رسوله وأنه السبب الذي يجعل المسلم رفيقا لخيار أمة الإسلام، كما قال تعالى " وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا" (سورة النساء:69)
وبين المولى سبحانه أن علامة صدق الإيمان تتحقق عند العباد إذا رجعوا في كل نزاع يطرأ بينهم إلى حكم الله وحكم رسوله كما قال تعالى "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" (سورة النساء:59) ، سواء كان ذلك الشيء المتنازع عليه من الأمور الكبيرة أو الصغيرة.
وهذا كله من الثوابت المقدسة التي ليست محل نقاش بين أمة الإسلام، والالتزام بهذا الأصل الثابت هو أدعى لتحقيق اجتماع كلمة المسلمين والبعد عن تفرقهم في مختلف المجالات التي يجتمعون فيها في كل ما ينفعهم، وما اليمن إلاّ جزء من أمة الإسلام.
ومن الأسس التي اجتمع عليها اليمنيون ودلتهم عليها الشريعة الإسلامية ومقاصدها: الأسس الوطنية ؛ التي تحفظ وجودهم وتقيم مصالحهم، وتؤمن وطنهم وتحفزهم للسير في مراقي النهضة والازدهار، وتضمن لهم إقامة العدل والحقوق والحريات الشرعية التي تصون كرامتهم الإنسانية.
وتعتبر الثوابت الدينية والأسس الوطنية في يمن الإيمان والحكمة أصولاً وقيما راسخة مرجعيتها العليا الشريعة الإسلامية الغراء.
وفيما يلي أهم الثوابت الدينية والأسس الوطنية للشعب اليمني:
- الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة، بالاستناد إلى الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة ، ورفض كل ما يخالف ذلك.
- الحفاظ على كيان الدولة اليمنية الواحدة، وأمنها واستقرارها واستقلالها، والعمل على صيانة سيادة اليمن وإخراجها من تحت وصاية مجلس الأمن بموجب أحكام الفصل السابع.
- التأكيد على أن الشعب اليمني هو صاحب الحق في اختيار حكامه ونوابه وممثليه بانتخابات حرة ونزيهة، كما نص على ذلك الدستور النافذ، وأنه لا يحق لأي جهة أن تدعي تمثيلها للشعب اليمني بدون اختيار حر لها من قبله.
- المحافظة على النظام الجمهوري الشوروي، ورفض الحكم الاستبدادي الظالم بكل صوره وأشكاله، ورفض الدعوة المطروحة لحصر الحكم في طائفة معينة من الناس، والتأكيد على أن الشعب اليمني له كامل الحق في إسناد أمانة الحكم لمن يرتضيه بانتخابات حرة ونزيهة.
- العمل بالإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان لصون حقوق اليمنيين وحرياتهم الشرعية المنضبطة بالكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة، الذي أعده نخبة من العلماء والخبراء وأهل الاختصاص ؛ وتم عرضه على مؤتمر قمة دول منظمة التعاون الإسلامي في عدة اجتماعات؛ وتمت إجازته من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي المنعقد في القاهرة ، في 5 أغسطس 1990م، وعلى أن تضع الدولة الضمانات القانونية والمؤسسية اللازمة لتمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم وحرياتهم ومنع انتهاكها أو مصادرتها من أي جهة داخلية أو خارجية.
- منع الخروج على الدولة بقوة السلاح ورفض استخدام القوة في العمل السياسي، والتأكيد على الالتزام بالحوار الجاد الملتزم بالثوابت الدينية والوطنية، والذي لا يستبعد أي طرف أو جماعة أو فئة.
- الدولة اليمنية وحدها هي صاحبة الحق في إنشاء القوات المسلحة، وتُدمج المقاومة الشعبية ضمن قوات الجيش والأمن.
- التأكيد في جميع الوثائق الرسمية الدستورية والقانونية على التزام اليمن حكومة وشعباً بالانتماء العربي الإسلامي ، واعتبار دول الجوار الجغرافي المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي هي دائرة الانتماء الأولى ، وتليها بقية الدول العربية والإسلامية.
والله الموفق ،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته